سِلاحه الأبيض

شَرُّكَ يا ابني عليَّ استفحل وضررك عظُمَ وليس لي إلا الله!

أربعون عاما زوجة وأما على ما يبدو غير صالحة! أو أن الأمومة تنكرت لي فجعلتني أذوق الويلات ومعنى أن يكون لك فِلذُ كبد عاق.
كل ثانية تمضي تنقضي في الحرب الداخلية فيَّ، في ماذا قصرت ، وعلى أي درس تهاونت ،الحب وأحببت،الإعتناء واعتنيت،روحي وأعطيت، اهتممت وبعيناي فديت..
أ هكذا أجزى؟
أتذكر ولادته تلك، كأنها الآن، قيصرية بمضاعفاات خطيرة تَخشَّبت على إثرها عظامي أسبوعين في العناية المركزة،
لكنه كان بلسم عذابي ومصدر قوتي كانت النظرة فيه كافية لتريحني هو وأبوه الذي أحبنِي أحبَّنَا.
بدأ شقائي معه بحركيته الزائدة ما إن يفتح عينيه حتى ينطلق راكضا والصراخ لايفارقه كأنه ٱلة تصبين فاسدة..
جامحا كفرسٍ برية غير مروضة كلما زعمتُ ترويضها أصابتني بحوافرها معلنةً الرفض..
ومع كل عيب ظهر عليه وكلما اشتكى منه أحد كنت أعاقبه أؤدبه طمعاً في تغييره وظناً أنني المسيطرة..
نتائجه المدرسية مَطبوعة بكلمتين تلميذ مشاغب، مشاغب هذا التلميذ  كل سنة كان يتغير كل شيء إلا هذه الملاحظة التي باتت لقبه الذي تجاوز حدود النتيجة المدرسية بل بات يُنادى به في كل مكان ويوصف به من طرف أي شخص.. لكن كنت أجيب تلك الأصوات الخافتة داخل قلبي التي تتسائل لماذا كل هذا؟
هذا حال كل الأولاد اصمتي أيتها الأصوات الشريرة ، ابني سيكبر وسيغدو ناضجا تابثا هو ليس بمتوحد أو مريض نفسي ولن يكون كذلك لكي يتسم بالتهذيب...
جائت مراهقته المُرهِقة المدمرة ، فصرت كالجندي المعاقب بالحراسة الفرق الوحيد هو أنني كنت بدوام لا ينتهي.. موعد دروسه، استعمالات زمنه ،من يرافق،  أُبدي ليني معه و شدتي في الوقت ذاته ! 
أراقب وأصحح الأخطاء ،أنصح ،أمنع ،أشرح وأؤهل أليس هكذا تُمسك زمام الأمور؟ 
اتضحت الرؤيا وأبان أنها هي من كانت ممسكة بي..
فانسكبت كل الخطايا دفعة واحدة من حيث لم ندري ولا زلت لم أفعل، شجارات القسم في الجهتين معاً أساتذة تلاميذ، نبذ المنزل وانطلاق كل ليلة على التاسعة والنصف حملة البحث عنه لإدخاله له عنوة..احترامُه لي يقل ثم بدأ يختفي إلى ان أصبح شبه مُنعدم ..كلما أمرته شيئا رفع حِباله وأخبرني أنه حر ولا حق لي في تقييده ..وباتت طلباته تفوقني فيمزقني بإجابته الباردة الحادة لِم أنجبتني إذن؟ 
عنيفا، محباً للشجار، دمائه دائما تغلي حتى توجست وبدأت التيقن أن الحِمم البركانية هي من تجري في عروقه لا الدماء..
الخامسة مساءاً رن هاتفي ، معك الشرطة ابنك ها هنا بعد أن اعتقلناه إثر تسببه في شجار مع ٱخر الذي انتهى بذلك الثاني في المستعجلات لتقطيب جروحه، وابنك هنا رفقة سلاحه الأبيض، والذي تبين أن دمائه لم تكن نظيفة فكانت كُرياته الدموية تسبح رفقة النيكوتين ومخدرات أخرى!
أتلمس بطني المشوه إثر إنجابه ودموعي تُكمل طريقها بعد أن حفرت مجرى على خدودي  وأواسي الأصوات لم أنجب عجين حلوى لأشكله كما أردت أو كما أردوا!
لكنه لم يكن هو كانت الحممُ هي الفاعلة به ذلك أو هذا ما أحاول إقناع نفسي به!!!





Share:

0 comments