لا أنْثى !!!

كُلما نضجْت كان رفيقي يَنضج معي الورم، لا زلْت لا أفهم كيف لخَلايانا أن تخْذِلنا وتُصاب بالجنون وتُصبح مُؤذية لهذا الحد... 
ألا يسلم أحد ٌ من الجنون.. ألا نسْلم حتى من مُكونات جِسمِنا !
لم يكُن التغلب على السرطان قصتي كما إعتدتم في الصفحات والبرامج عن قُوة الإرادة وما إلى ذلك من إعلانات مثيرة للشفقة، عنوانها سرطاني تغلب عَلي..
 أُخد ثديي الأيسر وبقيت نصْف أنوثتي.. 
أصبحت نصف امرأة حاولت إقناع نفسي وسمعت لكتاب التنمية البشرية وكل أكاذيبهم أن جمال الروح هوا المهم 
ولكن بأول مرة في حمام النساء العام علمت أن الجمال في كمال جسمك، كيف كانو يرمقونني ويتغامزون
 وينطقون بكلمات اللهم احْفظنا من بلاءٍ كهذا....
 دمرتُ كل شيءٍ فمزقتُ كُل كتاب ولعَنت كل كاتب ...
كلما همَمْت للخروج كان عليّ ملء فراغ ثَدي مرات كنت أضع كرةً من القطن، مرةً وضعت كوْمة أوراق أتُصدقون أني جربت حتى وضْع الليمون..
 جربت كل شيء لأحصل على ثدي مُزيف... 
وبِه حصلت على حب مزيف, كذلك لقَائُنا كان سَرمديا ناقشنا ظاهرة التطور وأسْباب أحداث سِبتمبر
 تجادَلنا عن أصل الإنسَان وسبب انْقراض الديناصورات كان يذكرني كُل مرة أنه مهووس بفكْري 
بمعرفتي بجَميع المواضيع والثّقافات حتى أخبرتُه أني أمتَلك ثدياً واحدا سألني والآخر أخبرته في إجازة!! 
الآخر بُتر ولم يعد لي، تأسٌف لي ومِن نبرة صَوته أدركت أني له مُودعة.. جاء الصّباح المُقبل وحيداً بدون شمسِه حظَرني من كل مَكان وغيّر رقْمه وتسائَلت أ كُل هذا بسَبب ثدْي ؟!
عشْت  بعدها تلْك السنين متخَفيةً أختبئ من كل شخْص قد يكتشف أن لي ثدي حَقيقي و فَراغٌ بجانبه  وما زاد طينةَ حَياتي المسْوَدة بِلَّة أن عند ذهابي "للكونترول" أخبرني الطبيب أن وكما قال مع الآسَف، مَرّ الورم لثَدي  الأيمنْ، رمقْته بعيون مٌتساقطة عن أي أسفٍ تتحدث يا هذا جرب أن يُجردوك من رجُولتك فقط تَخيل ... وأنتَ تقولها لي بكل بساطة يجب بثْره أيضاً ..
سأفقدُ حتى ذلك النّصف الشحيح الذي بَقي من أنوثتي وأصْبحتُ لا أنْثى..

Share:

1 comments